شرح معلقة امرئ القيس ج3


يواصل الشيخ محمد الحسن ولد الددو حفظه الله في درسه الثالث شرح ألفاظ معلقة امرئ القيس من حيث توقف في نهاية الدرس الماضي؛ حيث قام الشيخ بشرح الأبيات، ذاكرا مختلف الروايات التي رويت بها بعض الأبيات، وتوقف مع توضيح الألفاظ التالية وذكر بعض الأحكام اللغوية والشرعية المتعلقة بها؛ يقول الشاعر امرؤ القيس: • [وَمَا ذَرَفَـتْ عَيْنَاكِ إِلاَّ لِتَضْرِبِـي * بِسَهْمَيْكِ فِي أَعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّـلِ] • ذرفت: أذرت؛ وذرفت العين الدمع معناه أذرته ورمت به. • بِسَهْمَيْكِ فِي أَعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّـلِ: السهام عند العرب هي الأزلام، والأزلام فيها سهمان إذا أحرزهما الإنسان أحرز كل المقسوم وهما الرقيب والمُعَلّى، وعبر " بسهميك" لأنها حازت كل القلب. • في أعشار: أي في أنصباء القلب وأجزائه. • قلب مُقتّل: أي مذلّلٍ، وهو الذي كثُر قتله كثيرا من المرات، والتسبب بالقتل يسمى قتلا مجازا. • قوله: [وبَيْضَـةِ خِدْرٍ لاَ يُرَامُ خِبَاؤُهَـا *** تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَـلِ] • وبَيْضَـةِ خِدْرٍ: شبه المرأة بالبيضة في نعومتها وبياضها، والشاعر هنا أول من شبه النساء بالبيضة والنعام وذلك من إبداعاته، وهو تشبيه استعارة. • لاَ يُرَامُ خِبَاؤُهَـا: لا يمكن أن يقترب من خبائها لكثرة من يحرصه ولحرص أهلها عليها، والخباء: الخيمة. • تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا: أي من هذه البيضة وهذا فخر منه لوصوله إلى مبتغاه غير مُعْجِلٍ. • قوله: [تَجَاوَزْتُ أحْرَاساً إِلَيْهَا وَمَعْشَـراً *** عَلَّي حِرَاصاً لَوْ يُشرّونَ مَقْتَلِـي] • تجاوز أحراسا: والأحراس جمع حرس، والحرس جمع حارس وهي جمع الجمع. • ومعشرا: المعشر؛ الجماعة، تطلق على الذكور والإناث، والرهط يختص بالذكور، والمعشر مشتق من المعاشرة، كالعشيرة. • عَلَّي حِرَاصاً: يحرصون على ألا أصل إلى مبتغاي، لأنهم في الأصل حراس. • لَوْ يُشرّونَ مَقْتَلِـي: معناه لو يعلنون مقتلي، وشَرّ الشيء بمعنى أعلنه، وشَرّه أيضا بمعنى نَشَرَهُ. • قوله: [إِذَا مَا الثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ *** تَعَـرُّضَ أَثْنَاءَ الوِشَاحِ المُفَصَّـلِ] • "إذا": ظرف لهذا التمتع، و"ما": كافة، وهي إحدى أنواع "ما" العشرة، ونظمها أحدهم بقوله: محامل ما عشرٌ فإن رمت حصرها** فحافظ على بيت قديم تصدرا. ستفهم شرط الوصل فاعجب لنكرها** بكف ونفيٍ زِيد هيِّئْ ومصدرا. • الثريا: تصغير ثروة، والثروة الكثرة، وهي مجموعة من النجوم كثرت، والعين الآن ترى منها ست نجوم، ورُويّ أن النبي (ص) كان يعد منها إحدى عشرة لقوة بصره، وهي التي تسمى بالنجم، وقد فسر بها قول الله تعالي: "والنجم إذا هوى، وفسّر النجم بمحمد صلى الله عليه وسلم، إذا هوى؛ أي نزل من المعراج، لكن إذا أطلق العرب النجم فإنما يقصدون الثريا. • تعرّضت: والذي يعترض في السماء هو نجم الجوزاء لا الثريا، وبذلك فسرها بعضهم. • أثناء الوشاح: من زينة النساء ينسج من السيور الحمر، ويرصع باللؤلؤ والزبرجد، فتتوشح به المرأة فوق عاتقها وتحت يدها الأخرى فيكون معترضا كمنطقة الجوزاء. • المُفَصّل: أي المرصع بالخرز. • قوله: [فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَـا ** لَـدَى السِّتْرِ إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّـلِ] • فَجِئْتُ: وفي رواية فَجَئْتُ، أي باغتتُّ. • وَقَدْ نَضَتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَـا: ونَضَت الثياب بمعنى نزعتها أي خلعتها. • لَـدَى السِّتْرِ: أي وضعتها على أعواد للستر، وهي الأعواد التي توضع فتكون خِدراً. • إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّـلِ: معناه إلا ما يتركه الذي يريد النوم، وهو اللباس الخفيف الذي ينام فيه الإنسان. • قوله: [فَقَالـَتْ: يَمِيْنَ اللهِ مَا لَكَ حِيْلَةٌ ** وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الغَوَايَةَ تَنْجَلِـي] • يمينَ الله، وفي رواية يمينُ الله وهو قسم مبتدؤه محذوف أو يجب حذفه، وذلك كثير في القسم، ويمينُ الله مشتقة من اليمن فالله جل جلاله كلتا يديه يمين كما ثبت ذلك في الحديث، لكن اليمين هنا من اليمن وهو البركة أي بركة الله. • يَمِيْنَ اللهِ: بالنصب تكون منصوبة بفعل محذوف، معناه أقسم يمين الله مالك حيلة، أي لست من أهل الحيلة ولا من أهل العقل، أو مالك منجى فقد وقعت فيما وقعت فيه فلا منجاة لك، والحيلة من الهيأة وهي تغيير الإنسان لحاله ليخرج من ورطته. • وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الغَوَايَةَ تَنْجَلِـي: وفي رواية " العماية" وهي الصبوة والسفه، والغواية من الغيِّ وهو السفه أيضا، ومعناه لا أرى عنك السفاهة والغواية تنجلي؛ بمعنى تذهب، من جلاه أي طرده. • قوله: [خَرَجْتُ بِهَا أَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَـا ** عَلَـى أَثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّـلِ] • خَرَجْتُ بِهَا: أي بهذه المرأة من خدرها تجُر هي وراءنا ثوب مرط مرجل، وهو ثوب من الأثواب المخططة الغليظة، وذيل المرأة ما تجره من ثوبها، ومرجّلٍ: معناه زُين بصور الرجال، وفي رواية مُرحل، أي زُيِّن بصور الرحال، أو مرحّل بمعنى مسحوب، كأنه يرحل في آثارهما، والمقصود بذلك محاولة ستر الأثر. • قوله: [فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَـى ** بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقَافٍ عَقَنْقَلِ] • جاز الوادي بمعنى سلك فيه، وأجازه بمعنى قطعه، وانتحى بنا بطن خبت: معناه اعوجّ بنا بطن الوادي، وانتحى تطلق على القصد ويقال فيها انتخى الشيء أي قصده، والمقصود أن الوادي أنتحى بهم فاتبعوا ما به من الاعوجاج ليستتروا عن الحيِّ، و"الخبتُ" الوادي المتسع، ذي حقاف وهي جمع حِقفٍ، والحقف الرمل الصغير الملتوي، وجمعه حِقاف وأحْقَافٌ، ومنه الأحقاف وهي ديار عاد "عقنقل" وهو الرمل الملتوي. • قوله: [هَصَرْتُ بِفَوْدَي رَأْسِهَا فَتَمَايَلَـتْ ** عَليَّ هَضِيْمَ الكَشْحِ رَيَّا المُخَلْخَـلِ] • هَصَرْتُ: جواب "لما" ومعناه ثنيْتُ، بفوْدَيْ رأسها أي بضفيرتيها. • فَتَمَايَلَـتْ عَليَّ: أي مالت ببطء وهدوء، هضيم الكشح، أي حال كونها هضيما، والهضيم الضامر، والكشح البطن؛ ومعنى ذلك أن بطنها ضامر وهذا مدح في النساء. • رَيَّا المُخَلْخَـلِ: وهو ساقها المخلخل أي مكان الخلخال مُرْتَوٍ، وهو مؤنث الريان، والريان معناه المرتوي، وهذا كان حسنا عند العرب. • قوله: [مُهَفْهَفَـةٌ بَيْضَـاءُ غَيْرُ مُفَاضَــةٍ ** تَرَائِبُهَـا مَصْقُولَةٌ كَالسَّجَنْجَــلِ]. • مُهَفْهَفَـةٌ: وهي المرأة؛ معناه أن بطنها مطوي كطيِّ القراطيس. • غير مفاضة: غير مترهلة اللحم، أي بطنها ليس مترهلا ولا متدليا. • والترائب: اللحمات التي على الصدر في أعلاه. • قوله: [كَبِكْرِ المُقَـانَاةِ البَيَاضَ بِصُفْــرَةٍ ** غَـذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرُ المُحَلَّــلِ] • بكر المقاناة: أول ما تبيض النعامة يكون أصفأ من غيره، والمقاناة هي البِكر، ومنه إضافة الشيء إلى نفسه، وهي مخالطة البياض بصفرة. • غَـذَاهَا: أي سقاها، غَيْرُ المُحَلَّــلِ: أي غير المباح الورود من الناس، والمقصود بذلك نظافته. ويواصل الشيخ في الحلقات القادمة إن شاء الله شرح الباقي من معلقة امرئ القيس هذه.



آخر تحديث للموقع:  الجمعة, 12 أبريل 2024 20:59 

النتائج النهائية لمسابقات دخول المركز

اشترك في القناة

موقع مركز تكوين العلماء

برامج تلفزيونية

جديد الموقع

إحصائيات

المتصفحون الآن: 30 

تابعونا علــــى:

تابِع @ShaikhDadow